رسالة من محمد مهدي عاكف-
المرشد العام للإخوان المسلمين
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين؛ محمد بن عبد الله النبي الصادق الوعد الأمين، وعلى آله وصحبه والتابعين بإحسان إلى يوم الدين، وبعد.
انطلاقة
ما جرى على أرض غزة المجاهدة في الأيام الماضية من عدوانٍ وحشيٍّ وهمجيٍّ على يد الآلة العسكرية الصهيونية؛ وضع العالم كله أمام نفسه ليُعيد تقييم مدنيَّته الزائفة، وليرسم لنفسه صورةً أخرى تعكس قدرته على التفرقة بين الأبيض والأسود، وبين الحق والباطل، وبين مؤسساته التي لا تسمع إلا إذا أُمرت، ولا ترى إلا إذا وُجِّهت، ولا تتكلم إلا إذا لُقِّنت!.
لقد سقطت منذ زمنٍ بعيدٍ كل أوراق النظام العالمي الجديد التي كان يستر بها سوءته، ويواري بها قبح مخططات مدنيَّته، ويسوِّقها لعالم جديد أصبح الإنسان فيه مجرد رَقْم؛ تارةً تجده في قائمة الجند المُعتدِين، وثانيةً في قوائم القتلى المُشوَّهين، وثالثةً في عِداد المفقودين، ورابعةً من نزلاء المشافي والمصحَّات، وأخرى في طابور اللاجئين.
أخرجت الحرب على غزة القضيةَ الفلسطينية من ضيق مؤسسات المجتمع الدولي إلى سَعة الانتصار للإنسانية ولكل المعاني النبيلة، ومن جَوْر الأنظمة المحلية والإقليمية والدولية إلى عدالة الميزان الشعبي والضمير الإنساني المتسق مع فطرة الله الأصيلة، التي تعتبر مقاومةَ المحتلِّ حقًّا أصيلاً للشعوب المقهورة ﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ﴾ (الحج: 39).
الاحتفال بانتصار المقاومة اليوم.. ليس كل هذا من باب الانتصار لشعبٍ كتب الله له أن يحيا مرابطًا في الأرض المباركة، ووصفه قائد الأمة محمد- صلوات ربي وسلامه عليه- بأنهم في رباطٍ إلى يوم الدين.
نحن اليوم لا ننتصر لشعبٍ هو منتصر- بفضل الله- رغم تنامي إجرام عدوه، كما أننا اليوم لا نبحث عن تظاهرٍ من أجل إحياءِ قضيةِ فلسطين في النفوس؛ لأنها حيةٌ بقدسية أرضها وقدرة مقدساتها على الخلود في النفوس كلما تردَّدت في فضائها ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ (الإسراء: 1).
وما احتفالاتنا بقدرة المقاومة على الصمود هو الذي يعطيها زخمها في الانطلاق أو دافعها إلى التجدد والبقاء أو قدرتها على تطوير مقدراتها في إيجاع أعتى وأحدث أدوات الحرب في العالم.
والله أكبر ولله الحمد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق